Translate

Sunday, June 1, 2008

تسونامي"الغلاء إلى أين؟

د.خالد النويصر
KHALID@LFKAN.COM
ازدادت في الآونة الأخيرة وبوتيرة متسارعة ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي بدأت بالشعير والأرز وبعض المواد الغذائية، بل لم يسلم من "تسونامي" هذا الارتفاع الذي اجتاح المنطقة والمملكة جميع جوانب الحياة الأخرى، حيث امتد الغلاء ليشمل معظم الضروريات المتصلة بحياة المواطن إلى جانب مواد البناء وغيرها، بل إن التضخم ارتفع مؤشره إلى حد كبير، وما زال موالياً في الارتفاع مستصحباً معه ارتفاعاً في كثير من السلع الرئيسة، وإلى الآن، فإنه ليست هناك رؤية أو استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه المشكلة..
إن القول بعالمية المشكلة قد يكون مقبولاً إلى حد ما، ولكن لا بد أن نأخذ في الحسبان أننا أحد المساهمين في ارتفاع الأسعار عالمياً نتيجة لارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق، ولا يمكن مقارنة الحال لدينا بالحال لدى الدول الأخرى التي لم تستفد من كل تلك المتغيرات العالمية، كما أن الزيادة في ارتفاع أسعار النفط لم يصاحبها في الجانب الآخر تحسن في دخل الفرد في وقت توقع فيه الكثيرون أنه إذا لم تؤد الزيادة الكبيرة في أسعار النفط إلى تحسن في حياة المواطن، فإنها ستسهم على الأقل في كبح جماح ارتفاع الأسعار . لذلك، وما لم تكن هناك حلول جذرية، فإن مشكلة الغلاء ربما تكون لها أبعاد اجتماعية وأخلاقية وغيرها، إذ إن مشكلة الغلاء ربما تؤدي إلى تطرف شريحة كبيرة في المجتمع وتؤدي أيضاً إلى ازدياد الفجوة بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة، وتؤثر كذلك في الطبقة الوسطى التي تشكل صمام أمان للتوازن الطبقي، والتي بدأت تتزحزح بسبب الغلاء إلى الطبقة الفقيرة، وهذا ما يهدد السلام الاجتماعي برمته. كما أن الخطر دوماً ما يأتي من البطون الجائعة التي يدفعها الجوع إلى التطرف في سلوكياتها إذ ليس لها شيء تفقده أو تخاف عليه أصلاً. إن هناك من يرى أن لا جدوى من زيادة الرواتب تخوفاً من انخفاض أسعار النفط وأن هذا الخيار ربما يؤدي إلى خلق التزامات تثقل كاهل الدولة في حال هبوط الأسعار جراء أية أسباب سياسية أو اقتصادية أو غيرها، ورغم أن هذا القول فيه شيء من الصحة، إلا أن هذا كله لا يبرر ترك الحال على ما هو عليه من دون توفير الحلول التي تراعي مصلحة الجميع..
ولا شك أن مشكلة الغلاء هي وليدة العديد من العوامل والأسباب التي يجب دراستها بشكل مستفيض ومعمق من حيث تشخيص المشكلة ووضع الحلول المناسبة والفعالة لها، إذ هي في أمس الحاجة إلى حل جذري مبني على رؤية استراتيجية شاملة وقابلة للتنفيذ كفيلة بمعالجتها من جذورها، إذ تتطلب تعاوناً كاملاً من جميع الأطراف،، فالغلاء ليس مسؤولية جهة بعينها، بل هو مسؤولية مشتركة تتكامل فيها جميع الجهود الرسمية والشعبية، وهنالك عدة اقتراحات على المدى القصير تمثل حلاً إسعافياً من دون تجاهل الحلول الاستراتيجية طويلة المدى في هذا الجانب، منها قيام صندوق وطني تموله الدولة ويكون مخصصاً لتغطية الزيادة في أسعار السلع الرئيسة، على أن يُخصص للفئات والشرائح الأكثر تضرراً من مشكلة غلاء الأسعار في المجتمع، ويتم ذلك إما عبر الاتفاق مع التجار على هذه السلع الرئيسية بدفع الفرق في ارتفاع الأسعار لهم وفق إطار معين يٌتوقع منه التزام من جانبهم وإما أن يتم توزيع قسائم شرائية على الأفراد الأكثر تضرراً في المجتمع ليتمكنوا من الاستفادة منها في الحصول على السلع الرئيسة بأسعار مخفضة. ويشكل هذا أحد الاقتراحات الإسعافية للمشكلة التي آن الأوان للتعامل معها بأسلوب ومنهج مختلف وغير تقليدي ، حيث إن الانعكاسات والتداعيات السلبية للغلاء أكبر مما يتوقعه الجميع.