تظاهرة الحادي عشر من مارس 2011
الأربعاء 9 مارس 2011 - 4 ربيع الثاني 1432
ليس سراً أن هناك دعوات للتظاهر في يوم الحادي عشر من مارس الجاري بالمملكة ، وقدترددت كثيراً في الكتابة حول هذا الموضوع ، فإن عارضتها فإني أخشى بأن أُحسب أو أُصُنف على هذا التيار أو ذاك ، أو بأني أحد المتزلفين المنافقين أو بأني الشخص الذي لا يدرك ولا يهمه آلام وأبعاد نبض الشـــــــارع ولا يحس بمعاناة وأوجاع الفقراء والمساكين وأنا والله لست بهذا أو ذاك ، وفي الجانب الآخر فإن أيّدتها فالمملكة ليست من أدبياتها السياسية لغة التظاهرات والاعتصامات وغيرها ، إذ هي مفهوم جديد وطارئ علينا من عمليات التعبير في دول العالم ، وشأنها شأن أية لعبة شعبية لها قوانينها وأدواتها ولاعبيها ، ولا بد أن تمر بمراحلها الطبيعية والتدريجية .
كل ما أخشاه أن المجتمع سينجرف مثل الشوارع الأخرى في المنطقة العربية ، على الرغم من أن المملكة وضعها مختلف ، تركيبتها السياسية معقدة ، تركيبتها الاجتماعية لا تقل تعقيداً عن ذلك ، بعدها الحضاري والفكري والثقافي مختلف عن الآخرين ، ثقلها الديني متفرد ، هي ليست تونس أو مصر أو حتىليبيا أو غيرها من الدول الأخرى . أدرك ان هنالك مظالم كبيرة ، وأدرك أن هنالك اناساً يعانون من الفقر والعوز والفاقة ، بل والظلم والهوان ، وأنا والله لن يستقيم لي أمر كإنسان بسيط عندما أسمع عن هذا أو ذاك ، وأشعر بمرارة معاناتهم كما أشعر بنفسي إن لم أكن اكثر ، لكن قلبي على وطني وأخشى من البديل الذي هو الفوضى والهلاك . إن ما يجرى في دولة أو أخرى في المنطقة يؤرقني كثيراً على الرغم من الإحباط والآلام التي أحس ويحس بها الناس سنوات طويلة .
محتار أنا في أمري وممزق النفس بين أمور شتى ، فإنسانيتي تلح عليّ بقوة أن أقول الحقيقة مهما كانت قسوتها ومرارتها ، وفي الجانب الآخر فإن سلامة اللحمة الوطنية تؤرقني كثيراً ، بل أني أقدسها إلى حد التبجيل ، نعم هناك أخطاء اُرتكبت ومازالت تُرتكب ، وذلك نتيجة لعدم الالتفات لأبجديات اللعبة السياسية ، فالشعوب لا يمكن اختزالها بشكل مبالغ أو غير مقبول .
تداعيات القرن الحادي والعشرين فارضة نفسها بقوة شئنا أم أبينا، ما حدث فيه من تقدم مذهل من تكنلوجيا في الخمس او العشر سنوات الأخيرة غيّرت حتى البنية الفكرية للإنسان ، الإسلام دين عظيم ورائع ولذلك اختصه رب العباد الواحد القهار واختاره دون سائر الأديان ليكون خاتمتها، إلا أنه للأسف عُبث بهذا الدين واستُغل لإغواء وتجهيل الشعوب وأصبح لعبة بشعة وهو من كل هذا براء . المملكة لديها كل المقومات لأن تصبح دولة رائدة وقائدة في المنطقة والعالم، النفاق لابد أن يُحارب ، الفساد والتزلف والكذب يجب أن يوأد كله غير مأسوف عليه ، المحسوبية لا تقل بشاعة عن هذا كله ولا بد أن تُقتل ، الرشوة لا بد أن تُغتال ، البطالة لا بد أن تُنحى بقوة عن طريق الشباب ومستقبلهم إذ هي كارثة ومصدر الفتن والمحن ، المركزية القاتلة المترهلة لابد من فك خناقها ، هموم وآلام الناس لا بد أن نشعر بها . وطني لا يطلب الكثير من حكومته ، حقوقه ومطالبه الإنسانية بسيطة وسقفها في حده الأدنى تتمثل في الغذاء والسكن والصحة والدواء ، لا يجوز لدولة يموج تحتها ربع الاحتياطي من نفط العالم أن يحدث فيها ما يحدث من بطالة وعطالة وفساد ورشوة ومحسوبية ومناطقية وجهوية ، ولعمري فإن هذا ظلم فادح وكبير .
كل ما آمله أن لا يثيرنا ما حدث في الشارع بدول أخرى ويجعلنا ننقاد إلى أمر قد يقود إلى تفكك هذا الكيان ، فنعم للإصلاح ، نعم للشفافية ، نعم للمشاركة ، نعم للتوزيع العادل للثروة ولمشاريع التنمية ، نعم للمواطنة فوق القبلية ، نعم لمأسسة الدولة ونعم للمحاسبة والمساءلة ، لكن الوقت حرج حرج ، لذلك فإن مصلحة الوطن تقتضي أن نقف معه إلى أن تُحل كل هذه المشاكل وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا، لكن يجب أن لا نندفع خلف الشارع العربي .
سامحوني إذا ما قرأتم هذه الرسالة ، لأني كنت حائراً ولا أعرف ماذا أريد ، فإن أصبت فهذا هو جهد المقل ، وإن أخطات فأملي كبير في الله في هذه الدنيا الفانية والزائلة أن يغفر لي ويرحمني .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
كاتب ومحامٍ
Khalid@lfkan.com
Twitter (kalnowaiser)
No comments:
Post a Comment